في الوقت الذي تحقق فيه الكرة العربية تقدما ملموسا، سواء على الصعيد الآسيوي أو الإفريقي، فإن نظيرتها المصرية تعاني تراجعا مخيفا. وكي أكون واضحا، فإنني أستشعر خطرا كبيرا يحدق بها، ويهدد مستقبلها، بفعل السياسة الخاطئة والعشوائية التي تدار بها، وقد انعكس ذلك بجلاء في خروج منتخبات الناشئين والشباب والأولمبي مبكرا من المنافسات القارية، وكذلك في غياب المنافسة بالمسابقات المحلية، وفقدان الدوري لأهميته بعد أن بات الأهلي يعلب دور "البطل الأوحد".. وتحول البقية ومعهم الزمالك إلى "كومبارس". وفي رأيي أن اتحاد الكرة الحالي برئاسة سمير زاهر أو "اتحاد المصالح" إن صح تسميته، هو الذي يصنع الفشل، فهو كجهة مناط بها إدارة اللعبة وتطويرها، لم يقدم تصورا واحدا لمستقبلها، ولا استراتيجية واضحة. فالعشوائية والفوضى هما منهاج العمل.. والمجاملات دستور معتمد.. والمصالح الشخصية طغت على كل شيء.. فالكل يرفع شعار "شيلني وأشيلك". كل يوم مسرحية جديدة .. مشكلة مختلفة.. ناس مع ناس.. وناس ضد ناس.. مصالح متشابكة أحيانا.. ومتعارضة أحيانا أخرى. صراعات لا تنتهي. جرائم ترتكب في حق الأندية والعدالة.. صراع نفوذ بين الرئيس ونائبه.. واستعراض عضلات. هذا الواقع المؤلم أفرز ميدانا خصبا لتفريغ إسقاطات مصطنعة وخلق تناحرا كبيرا. مؤخرا أصدر الاتحاد قرارا بتجديد القيد في قوائم الأندية للموسم المقبل بـ25 لاعبا بالإضافة إلى 5 ناشئين وقصر الانتقالات على 4 لاعبين فقط، لكنه عاد وتراجع عن قراره الذي لم يعد سيد قراره، على طريقة عبدالفتاح القصري في فيلم "ابن حميدو"! بفعل ضغوط مسؤولي الأهلي والزمالك أصحاب المقام الرفيع. والمتابع لسياسة الكرة المصرية يجد أنها تدار برأس متحكم ومتحيز.. والواقع يقول إن الأهلي هو الحاكم الحقيقي أولا وثانيا والزمالك ثالثا ورابعا.. وأن اتحاد الكرة مجرد "تابع"!!.. فإذا احمرت أعين الأهلاوية "كش وخاف وتراجع".. وإذا رفع الزملكاوية أصواتهم رضخ وتراجع.. وإذا وصلت الأوامر فسمعا وطاعة! الاتحاد أصبح كالعصا التي تحركها الأصابع لتضرب بها تارة.. وتربت تارة أخرى.. وتكسرها إن لزم الأمر. اتحاد الكرة في أمس الحاجة إلى قيادات تكون قدوة حسنة وصادقة، تتحمل مسؤوليتها كاملة، وتؤمن بأن العمل العام هو خدمات لا مظهريات، ولا هو استغلال نفوذ.